لماذا أخذتني كل هذه المدة لأقوم بالإتصال الهاتفي؟
ترددت قبل أن أرفع السماعة وأطلب رقمه، لست مضطرة أصلاً، مالذي سأقوله!؟ وهل سأكون جديّة أم عادية أم فكاهية لأغطي اضطرابي؟ حسناً هذا هو الرقم وسأعتبرها مهمة رسمية! مرحباً .. أنا فلانة .. أنا أريد أن أراك!
كم هو صعب أن ألفظ هذه الكلمات. قد تكون سهلة تجاه إنسان لاتعرفه أبداً أو شخص تربطك به علاقة رسمية لكن معه هو!! صعبة جداً!
إنه يرن… حسناً، أربع دقات إن لم يجب بعدها سأقفل!
ألو تجمدت للحظة، مالذي كان يجب أن أقوله أصلاً .. هذا صوته؟ ربما وربما شخص آخر في منزله .. أسمع مرة أخرى .. ألو آه نعم، ألو.. أقصد مرحباً أنا .. أنا فلانة.. لا أسمع إلا الصمت فكرت أن أقول اسمي كاملاً حتى يعرفني. أنا فلانة ابنة فلان وقبل أن أكمل الجملة أسمع صوت بكاء على الجهة المقابلة!! أهذا ما كان ينقصني؟ .. بكاء؟ لم البكاء الآن؟ أليس هذا ماأخترَته أنت؟
قلت: كيف حالكَ؟ هل أنت مشغول؟ هل أتصل بوقت لاحق؟ قال: لا .. أبداً أرجوك إبقي على الهاتف.. أكملي أكمل ماذا؟ لم أقل شيئاً بعد، آه هذا مربك جداً .. حسناً لنعد ونتذكر مالذي كنت أريد قوله أصلاً! آه نعم، كنت أريد القول إنني أريد أن أراك! وسمعت صوت دموع أخرى تنهمر وتصل إلي عبر الهاتف… ياالله لماذا اتصلت أصلاً… ماذا أفعل الآن! وصلتُ في الموعد المناسب إلى المكان المتفق عليه، حسناً سأقول مرحباً من بعيد.. لا، قد أقبله وهو سيبادرني بنفس القبلات ويادار ما دخلك شر. تأخر!! هل أنتظر؟ لا تعجبني نظرات ذلك النادل! لا تخف سأطلب شيئاً بعد قليل
كم يزعجني التصاق النادل بالطاولة وكأن هناك مغناطيساً بين حقيبتي وبينه! حسناً سأطلب قهوة، أريد فنجان قهوة لوسمحت فقط؟ نعم، للآن هذا ماأريده ماشي! ماشي؟ هذا رد! ماذا أقول؟ اعتقدت أنني بطلب القهوة سأتخلص منه لكن يبدو أنني نسيت طلب الخروف أولاً… حسناً ركزي يابنت، هذا ليس هدفك اليوم، سنتعامل مع هذا النادل لاحقاً. وصل أخيراً، يا الله… لايزال وسيماً وجذاباً كالسابق. عفواً! انتظري لحظة.. يبدو أنك نسيتي ماضٍ من الأسى والبغض!! وسيم! أهذا كل ماخطر ببالك! سأضرب نفسي حتى أستيقظ قليلاً.
مرحباً آه لك تقبر قلبي هل المرحبا!! لا لا، أنا هنا لهدف آخر مرحباً مددت يدي أما هو فتحرك مباشرة دون إنذار وغمرني وقبلني. حسناً إنها قبلات عادية، تذكري، هذه كانت خطتك أصلاً فلماذا ألوان قوس القزح الآن تأخرت آه، نعم أنا آسف كان هناك زحمة سير زحمة.. هذا أمر طبيعي، فلماذا لم تخرج مبكراً؟ قلت في نفسي لكن قلت: لا مشكلة عادي.. طلبت قهوة هل تريد شيئاً؟ نعم سأطلب قهوة آه الحمدلله هذا سيثبت للنادل أنها ليست قهوة يتيمة هناك طلبات أخرى! كنت أتمنى لو طلب قطعة حلوى معها حتى نخرس عيون النادل
كيف أنت؟ جيد، وأنتِ جيدة أيضا،ً لا جيدة جداً وسعيدة وحياتي رائعة. رأيت إبتسامة ترتسم على وجهه، أعتقد أنني أعطيت جواباً أطول من اللازم تبدين رائعة يا الله، لماذا الآن ..ألوان قوس قزح تمرح وتسرح على وجهي وشفتي إحترقتا من العض وأظافري تقطعت من التوتر.. لطالما كان لبقاً ولطالما كنت رائعة شكراً هذا من لطفك سيدي أمسك يدي وقال: كنت أتمنى هذا الإتصال منذ سنين طويلة، لاتعلمين كم أفرح قلبي، أشكرك جداً حسناً هذا يقلب موازين السيناريو الذي وضعته في عقلي.. كان يجب أن يسألني لماذا أردت أن أراه كي أرد عليه أنني أريد رقم هاتف شخص يعرفه، ويستطيع أن يساعدني في حل مشكلة وانتهى. من سيكتب لي سيناريو جديد الآن؟ عزيزتي مالذي أردتيه؟ لماذا طلبتي رؤيتي؟ آه نعم هذا كان الحديث المرجو لكن طبعاً تبخرت كل الكلمات والجمل التي حفظتها عن ظهر قلب رائعة الجمال، وكنت أتمنى هذا الإتصال!.. هذه مفردات لم أنتظر أن أسمعها ولم تكن جزءاً من الخطة تفضلي القهوة ياآنسة… والأستاذ شو بيشرب؟ لك يقطع عمرك.. منيح! لم يقرر أن يظهر هذا النادل إلا في الوقت الحرج، أنا إنسانة تنسى كل شيء ببساطة الآن علي تذكر ماأردته قهوة أيضاً لوسمحت “دخيل اللطافة” لو تعلم كم كان هذا النادل لئيماً معي، لكن هذا أنت، لطالما كنت لطيفاً حسناً أين كنا؟ نعم للأسف هذا في الماضي أما الآن فقد تغيرنا وتغيرت الحياة معنا
أردت رؤيتك لأنني كما تعلم لم أراك منذ وقت طويل وعلمت أنك في المدينة وأنا أيضاً، هل تعلم لقد استغربت أنه لايزال لديك الرقم نفسه ابتسم وقال: استغربت انه لازال لديكِ رقمي طبعاً في هذه اللحظة تمنيت لو انشقت الأرض وابتلعتني أو سقط فوقي هذاالمبنى.. تفضل ماذا أقول الآن؟ يخرب بيت الإحراج!! الحقيقة انني أخذته من أحد أصدقائنا القدامى! بشرفك هذا جواب يا لئيمة.. قلت لنفسي. لكنه اكتفى بإبتسامة
تفضل إستاذ القهوة!.. عفوا مو ناويين تطلبوا شي تاني؟؟أكل مثلاً طبعاً تفجرت قنبلة نووية من عيوني على هذا السؤال، نطلب أكلاً!! يعني يلزمنا أن نجلس أكثر يعني أن أتحدث أكثر وكما هو واضح مع كل كلمة أقول شيئاً أغبى! سنرى.. شكراً لك علق ثم نظر نحوي وقال: أنت مضحكة، أستطيع أن أقرأ مايدور في عقلك من عينيك الساحرتين… لاتقتلي الرجل، هو يقوم بعمله!
لنعود إلى موضوعنا.. أنا طلبت أن أراك لأسلم عليك وأطمئن على حالك وحال العائلة وأطلب منك خدمة. أخيراً نطقت.. هذا إنجاز أنا بخير وصحتي جيدة كما ترين.. أما العائلة فهل تقصدين العائلة الصغيرة أم الكبيرة؟ كاد أن يغمى علي وأدخل في غيبوبة أبدية! عائلتتك الصغيرة!! عفواً؟؟ لم أكن أتوقع هذا أبداً.. والآن ماذا أقول، لا بل كيف أخفي ما أشعر به خاصة أنه خبير بقراءة العيون .. يجب أن أموت الآن.. أو أقتل النادل وهذه فكرة جيدة عائلة جديدة؟ مبروك.. متى حصل ذلك؟ هل تزوجت؟ هل هي مرحة مثلي؟ أجمل؟ أطول؟ أقصر؟ من أي بلد؟ من هي هذه التي أخذته مني! عفواً أقصد من هي سعيدة الحظ ؟ فكرت في نفسي هل أُحضر الفاتورة؟ لا يا سيد لم نطلب الفاتورة، هل يمكن أن تحضر ماءً وتدعنا قليلاً ابتسم وأمسك يدي ونظر إلي نظرة إخترقت قلبي كرصاصة طائشة! ثم قال: لم أتزوج يامجدوبة، ألم أقول لك إنني لن أرتكب هذا الخطأ بحياتي! لقد أصبح في عائلتنا كمية أحفاد لا تعد ولا تحصى وبذالك تحولت العائلة الصغيرة إلى عائلة كبيرة عفواً هل من المفترض أن أضحك بعد أن كادت روحي تتجمد؟ أولاً تضرب على خبرية أنك لن تتزوج أبداً وثانياً هذه لاتدعى العائلة الجديدة بل العائلة الممتدة! قلت لنفسي بعد أن عاد الدم لقلبي وتفتحت رئتي وعيني، نظرت إليه وقلت: نعم الآن تذكرت سبب إنفصالنا! وتغيرت نظرة الغزل في عيني إلى نظرة الشر التي كان يفترض وجودها منذ البداية مبروك للعائلة لطالما أحببت عائلتك ابتسم وقال: وهم يحبونك كثيراً، فرحت أمي عندما علمت أنك إتصلتِ وطلبت أن تأتي معي لتشاركينا الغداء بدأت الدموع تظهر على عيني بعد أن قاومت كل هذه الفترة، سامحك الله، فكرت، لم أخطط للبكاء اليوم ولم أكن أريد أن أذكر تلك الملاك التي طالما أحببت و إشتقت لها كثيراً بلغها تحياتي وحبي، سأذهب لأراها في زيارتي المقبلة لكن لاأستطيع اليوم الآن أتمنى أن تساعدني، أردت رقم الرجل الذي كان ينهي معاملات جوازات السفر بسرعة لأني أود تجديد جوازي، ولديّ يومان فقط من الوقت لفعل ذالك تكرم عينك! كنت أتمنى أن أراك أكثر، لكن من يعلم قد يأتِ يوم وتعطفي بإتصال آخر لتفاجئيني مثل هذه المرة بعد إنقطاع لسنوات ابتسمت وقلت إن شاءالله، أنت تعلم كم أنت عزيز على قلبي
أخذت الرقم وتركته يتعامل مع النادل الذي لم يعد قتله من أولوياتي أبدا
Comments