top of page

بائع متجول

Updated: Nov 8, 2020

يبدأ نهاره باكرا ليُعدَّ عربته ويتحرك بها إلى المكان المعتاد بجانب المدرسة. يُحضّر أدواته ويتأكد من توافر كافة المكونات المطلوبة لصنع السندويشات المحبوبة عند الطلاب، الذين يصطفون لشراء السندويشات اللذيذة في الصباح وهم بطريقهم إلى المدرسة وعند نهاية اليوم المدرسي لشراء الزعرور أو القضامة المحلاة أو ما يحمله لهم البائع من مفاجآت كل يوم. كان الإبن الأكبر يساعد والده في عمله رغم أنه أصبح في سن الإلتحاق في المدرسة لكن ما تجنيه العربة لا يكفي لدفع الأقساط وشراء المستلزمات الأساسية وغير الأساسية! عند نهاية السنة الدراسية ودّع الطلاب البائع وهم يأخذون منه وعوداً بالعودة في السنة القادمة، و أعطى أحد الطلاب كتبه المدرسية له معتقداً أنها قد تكون مفيدة للف السندويشات بدلاً من رميها! تكرر هذا في السنين التي تتالت وفي نهاية كل سنة كان يقدّم الطالب الكتب للبائع وهو يقول: بارك لي لقد نجحت ولم أعد بحاجة لهذه الكتب، دعواتك يا عمي! لم يعد يأتي الإبن الأكبر لمساعدة والده في الصباح لكنه كان يأتي بعد الدوام المدرسي ليقدم العون ويأخذ بعض المسودات التي كان يقدمها بعض الطلاب للف السندويش!

اليوم، لم نعد نرى ذالك البائع ولا تلك العربة. لقد تخرج إبنه الأصغر بمرتبة إمتياز بمساعدة الأخ الأكبر الذي يحمل الآن منصب مرموق بشركة حكومية بعد أن قدم إمتحانات قبول ودرس جميع المراحل بمنح دراسية لتفوقه.

اليوم لا ينسى الإبن الأكبر فضل أبيه الذي قرر إعطاءه جميع الكتب ليدس بدلا من أن يلف بها السندويشات، هو يعلم جيداً أن ماقد يعتبره البعض بلا قيمة قد يكون إنقاذ حياة البعض الآخر.

*الصورة من تراث شوارع دمشق القديمة


1 view0 comments

Recent Posts

See All
bottom of page