عندما كنت في المرحلة الابتدائية سألني الجميع ما أريد أن أكون في المستقبل.
في عمر التاسعة تودّ أن تكون الأسئلة أسهل، أسئلة الامتحان، أسئلة الأهل، أسئلة الاصحاب، كلها تودّ أن تكون أسهل.
في عمر التاسعة تنتقل من مرحلة اللعب في الحارة وبالحجارة والماء والتراب إلى مرحلة ال”مابيصير” .
تنتقل من مرحلة لا تزعجك فيها الأوساخ ولا يهمك رأيي العالم بلبسك ومظهرك، إلى مرحلة الفستان الأطول والعودة الى المنزل ابكر واسبوع “اللطخات الحمراء”
ماذا أود أن أكون في المستقبل، سؤال كان يحيرني ويضغطني ماذا أريد في المستقبل؟
في مرحلة معينة فكرت أن هذا السؤال حتميّ لا مجال أن يتغير ولا مجال للتهرب منه، فقررت أن اجد له جواب مَرضي يجعلني أتخلص من فكرة أنه عليّ أن أعلن في عمر التاسعة ما أود أن أكون في المستقبل.
حسناً… ممرضة
لا، هذا ليس ما عليك فعله
بائعة زهور
لا هذه هواية
مممم معلمة
ليس هذا أيضاً، عليكِ أن تفكري جيداً بما يتناسب مع شخصيتك
اعتقدت بأن جواباً واحداً كان كافياً ليريح طموح والدي، لكن يبدو أنه سؤال معقد، أو بالأحرى سؤال له جواب مسبق
طبيبة؟
لا يا ابنتي… إحلمي على قد قدراتك، طبيبة صعب… ممكن صيدلانية
ل
م أكن من المتفوقين في المدرسة بالرغم من الساعات الطويلة التي كنت أقضيها في الدراسة لكن عند الامتحان لم أكن قادرة على استرجاع المعلومات لتساعدني في حل الأسئلة…ألم أقل لكم في هذه المرحلة تتمنى لو كانت الأسئلة اسهل.
حسنا أنا سوف اصبح صيدلانية، وطبعا كان القرار الآخر بأن أختي ستصبح طبيبة! أختي كانت دائماً سبّاقه في العلم، كنا ندرس سويا لكن كانت اشطر مني بمراحل.
خطّط والدي مستقبلنا على ورقتين مختلفتين، أعطى كل واحدة منا اللّقب الذي يليق بمستواها العلمي، وفي داخلي كنت اعلم انه والدي لم يكن متأكداً بأنني سأتمكن من أن أصبح صيدلانية.
الذي كنتُ بالفعل أوده هو أن أصبح ممثلة مسرح…. كنت أحلم بالتمثيل وأتدرب على مقاطع معينة مع أصدقائي الخياليين. وبالفعل جاءت فرصة لأمثّل لكن هذه أيضاً تعتبر هواية
في عمر التاسعة، أحلامنا مختلفة. نحن نكتشف جانباً جديداً من العالم جانب قد يصعق البعض أويجعله فضولي اكثر ليكتشف أكثر.
في عمر التاسعة نكتشف جسداً يتغير، نكتشف وجود فراشات داخل معدتنا وتنتقل حسب الموقف إلى صدورنا أو إلى أمعائنا، نكتشف شيء يسمى الإعجاب ونكتشف أن الصبي الذي كنا نلعب معه دون أن نلاحظه قد تغيّر فجاءة او نظرتنا له تغيرت!
نكتشف الكثير لكن الشيء الوحيد الذي لا نود أن نتعامل معه في هذا السن هو السؤال الذي يطرحه الكبار دائما: ماذا تود أن تكون في المستقبل؟
Comments